Thursday, May 24, 2007

دراسة مصرية: ارتفاع نسبة التحرش بالإناث من سن ١٨ وحتى ٤٠ سنة



كشفت دراسة ميدانية أعدها المركز المصري لحقوق المرأة، عن أنه لا يوجد عمر محدد تتعرض فيه الأنثي للتحرش الجنسي، حيث يتم التحرش بالإناث من سن ١٨ وحتى ٤٠ سنة، وكان الاستثناء الوحيد للإناث من عمر ٤١ فأكثر.
وحددت الدراسة التي أعلنت عنها نهاد أبو القمصان، مدير المركز المصري لحقوق المرأة ، في احتفالية حملت عنوان «من أجل شارع آمن للجميع» بساقية عبد المنعم الصاوي، أشكال التحرش الجنسي من التحرش اللفظي الذي سجل أعلي معدل، موضحة أن التحرش اللفظي هو المعروف في الثقافة المصرية بالمعاكسات، التي تندرج ما بين كلمات مقبولة مثل «يا حلو» و«يا جميل»، إلي أخري بذيئة تصف أماكن حساسة في الأنثى.
وذكرت الدراسة التي شملت ٢٨٠٠ حالة، أن كلمات المجاملة التي تتم بين زملاء المكان الواحد لا تندرج ضمن التحرش الجنسي إلا إذا أخذت طابعاً ذا ملمح جنسي،
وأضافت أن ثاني أشكال التحرش هو اللمس غير اللائق للجسم، مما يدل علي خطورة المشكلة، مشيرة إلي انتشار التحرش باللمس غير اللائق في الأماكن العامة ووسائل المواصلات، وكأن الشباب لا يشعرون بالخجل علي الإطلاق من ارتكاب مثل هذا الفعل، وأرجعت هذا للتربية التي ترسخ مفهوم الذكورية ونظرة الرجل للمرأة علي أنها مخلوق أدني منه.
وأكدت أن الشارع أكثر الأماكن التي يحدث فيها التحرش، مما يدل علي أنه لم يعد آمناً علي الإطلاق لتسير فيه الأنثي، كما جاء التعقب في الشارع في المرتبة الثانية لأشكال التحرش الجنسي، وهو يدل علي الانحدار الأخلاقي في ثقافة المجتمع المصري.
وقالت الدراسة: إن جميع النساء علي اختلاف مستوياتهن، يتعرضن للتحرش الجنسي بصرف النظر عن المظهر الخارجي للمرأة، مما يعني أن التحرش ليس لديه تفضيل تجاه أنثي علي أنثي، سواء كانت متبرجة الملابس أو محجبة، وإنما هي رغبة ذكورية بالأساس.
وأجابت إحدي نتائج الدراسة علي تساؤل يقول: لماذا يدخل التحرش في دائرة المسكوت عنه، فقامت نسبة ٧.١% من العينات بإبلاغ السلطات حول جرائم التحرش، مما يوضح أن السيدات تنقصهن الثقة بالنفس، مما يدفعهن للتكتم علي الموضوع حتى لا يقعن تحت طائلة اللوم، مطالبة بضرورة الوقوف بجانب الإناث برفع الوعي لديهن وخلق نوع من الاستجابة لمثل هذه المواقف للمساعدة في الحد من هذه الظاهرة.
وسجلت الدراسة أن الفئة العمرية المتوسطة المتمثلة في الشباب، هي أكثر قياماً بفعل التحرش، ولعل ذلك يرجع بالأساس إلي المشكلة الاقتصادية التي خلقت نوعاً من البطالة، تسبب في إعاقة الشباب عن الزواج، مما جعلهم يقومون بإفراغ الكبت بالجنسي علي أي أنثي تقع أعينهم عليها.
أوضحت الدراسة انتشار حالة اللامبالاة التي وصل إليها المجتمع المصري، حيث سجلت أدني نسبة من ردود أفعال الناس، وقالت: عندما طلبت فتاة تم التحرش بها المساعدة من المارة، فلم تجد أي استجابة
و عن الأسباب الحقيقية وراء تزايد ظاهرة التحرش الجنسي، تحدثت الأستاذة "نجلاء الإمام" مديرة جمعية ( بريق) لمناهضة العنف ضد المرأة، في حديثها مع موقع "إخوان ويب" حيث قالت:
" لقد قمنا بالطبع بالعديد من التقارير و الأبحاث حول هذا الموضوع، و كان آخرها تقريراً قام به الباحثون مع مجموعة من (المتحرشين) من الشباب، و ليس المتحرّش بهم، في محاولة للوصول للأسباب الحقيقية و المباشرة وراء هذه الظاهرة . و كان غياب الوازع الديني و غياب القدوة من أهم الأسباب المباشرة، حيث لا يجد الكثير من الشباب من يسيروا على خطاه. "
و كان ثاني سبب ذكرته الأستاذة "نجلاء الإمام" هو ، و للأسف الشديد، البطالة الشديدة الانتشار بين الشباب في مصر، و قلة الفرص المتاحة لهم. أيضا كان افتقادهم لفكرة الروح الجماعية من الأسباب، حيث قالت: "الآن المنتشر فقط هو العمل الفردي، و هم يعتبرون القيام بعمل فردي و النجاح فيه هو (عمل بطولي بالفعل). و النجاح في إحراج فتاة أو سيدة من شاب واحد بمفرده و بدون التعاون مع أصدقاؤه الآخرين هو بلا شك شيء يدعو هذا الشاب إلى الرضا."
و آخر الأسباب التي ذكرتها "نجلاء الإمام" هو التأثير الإعلامي الكبير، و قالت أنه بلا شك سبب رئيسي و مؤثر جدا. فالإعلام أصبح يتمتع بجرأة "غريبة" جدا، فأصبح يصّدر كل شيء... و يقول الشباب أنهم يرون يوميا الكثير من المشاهد "في كل القنوات" التي يكون فيها بعض الأشياء التي تخدش الحياء و لا تحدث باستمرار امامهم في الحياة العادية، و لكنها مع ذلك مستمرة يوميا على شاشات التلفاز و تحدث بمنتهى التلقائية. و يقول أيضا الشباب أن بعض المطربات يمتلكن أموالا لا حصر لها، و ذلك بسبب ارتدائهم لملابس فاضحة أو عموما فعل أشياء "من المفترض" أنها لا تليق بمجتمعاتنا... فلماذا إذن تلوموننا على أشياء نفعلها و هي أقل مما يفعلونه بكثير؟!
و تضيف "نجلاء الإمام" أن الاختلاف الطبقي و عدم الاهتمام بالقدر المطلوب من قبل الدولة هو أيضا سبب مؤثر، فالدولة لم تعد تهتم بالطبقات السفلى أو حتى المتوسطة و بمشكلاتهم بالقدر الكافي.
و تقول أن" ظاهرة التحرش الجنسي" تعني أيضا "المعاكسة" أو التلفظ بألفاظ نابية أو غريبة أو تخدش الحياء. و تقول : "وجدنا أن الشباب عندهم نوع من أنواع الطاقة، ربما طاقة إبداعية و لكنهم لا يستطيعون استغلالها، فيخرجون هذه الطاقة في الألفاظ السيئة أو الغريبة المبتكرة و التي تسعدهم كثيرا عندما يستطيعون إحراج الفتيات بها أو حتى السيدات في الشوارع. و هذه الطاقة يجب أن يتم استغلالها في الرياضة مثلا... و لكن غياب الأندية الرياضية و أيضا الاجتماعية هي السبب، بل إن الكثير من هذه الأندية (القليلة الموجودة) في الحقيقة يساهمون في تضييع الشباب أكثر حيث يروجون للمواد المخدرة و غيرها، و لا يقومون بالدور المطلوب منهم." ، و هذا الكلام تؤكده أيضا الدراسات التي قام بها ( المركز المصري لحقوق المرأة) حيث أكدت الدراسة أن ظاهرة التحرش الجنسي لا تهدد فقط بعض النساء ولكنها قضية منتشرة في المجتمع المصري بأكمله، وأشارت الدراسة إلى أن التحرش لا يقتصر فقط على عمر أو طبقة اجتماعية معينة، وأيضا أن النساء الأكبر سنا يواجهن أشكالا مختلفة من التحرش بنسبة عالية، ما يعني أن مظهر البنت أو عمرها الصغير ليس مكمن إثارة الرجال و الشباب للتحرش بالنساء كما كان يعتقد الكثيرون، و قد أكدت الدراسات أن أبرز الأشكال الشائعة للتحرش عامة ًهو اللمس بنسبة ٤٠%، يليه التحرش بالألفاظ البذيئة بنسبة ٣٠%.
و من المثير للاهتمام أن نتائج هذه الأبحاث و الدراسات أشارت إلى أن نسبة ٣٠% من المعتدى عليهن اللواتي شملتهن الدراسة، يتعرضن للتحرش الجنسي يوميا، و أن شكل رد الفعل الشفوي تجاه التحرش والمتمثل في النظر أو القول حصل على ٦.١٣% من نسبة المشاركات، بينما بلغت نسبة من آثرن السلامة ولم يتخذن أي رد فعل تجاه مضايقتهن نحو ٦.٢٩%، وأن ٢% فقط منهن يلجأن إلى الشرطة، مؤكدة أن النساء لا يثقن في أن النظام القانوني الراهن يوفر لهن الحماية من المتحرشين بهن... حيث لا يعرف الكثير من النساء و الفتيات اللاتي يتم التحرش بهن حقوقهن القانونية، وأن ما يتعرضون له من تحرش جرائم يعاقب عليها القانون، خاصة أنها قد تسبب لهن أضرارًا نفسية وعصبية في بعض الأحيان. و في المؤتمر الصحفي الذي تم عرض هذه الدراسات بداخله، أكدت نهاد أبو القمصان، مديرة المركز المصري لحقوق المرأة أن قانون العقوبات في مصر وعدد كبير من البلدان العربية يعتبر التحرش نوعا من السب والقذف وخدش الحياء، أما إذا كان باليد فيعد هتكا للعرض وفعلا فاضحًا في الطريق العام. والعقوبات تتراوح بين الحبس شهر مع الغرامة وتصل إلى الحبس 3 سنوات أو الغرامة.

No comments: